يعيق عدد من دول الاتحاد الأوروبي اقتراح قانون أوروبي يرمي إلى مكافحة نشر الصور ومقاطع الفيديو التي تتضمّن استغلالاً جنسياً للأطفال، بدافع الخشية من استخدامه وسيلة لإجراء مراقبة شاملة على الاتصالات الخاصة.
ومن المقرر أن يتناول وزراء الداخلية الأوروبيون هذا النص المثير للجدل خلال اجتماعهم الخميس في لوكسمبورغ، لكن من غير المرتقب اتخاذ أي قرار في هذه المرحلة.
واقتراح هذا القانون الذي قدمته المفوضية الأوروبية في أيار/مايو 2022، يرمي إلى مكافحة انتشار الصور ومقاطع الفيديو التي تنطوي على استغلال الأطفال جنسياً، واستدراجهم من متحرّشين بالأطفال.
ويجبر القانون المنصات وخدمات المراسلة عبر الإنترنت على رصد محتويات مماثلة والإبلاغ عنها.
لكنّ السلطات الأوروبية المسؤولة عن حماية البيانات وأعضاء في البرلمان الأوروبي وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بينها ألمانيا، يرون أن هذا النص يمسّ بصورة "غير متناسبة" باحترام الحياة الخاصة، ويبدون قلقاً بشأن انتهاء سرية المراسلات، خصوصاً وأنّ خدمات الرسائل المشفرة (بينها سيغنل وتلغرام وواتساب) ستخضع أيضاً للقانون.
وتشير تحفظات هذه الجهات أيضاً إلى احتمال تسجيل أخطاء مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي لرصد المحتوى الذي ينطوي على استغلال الأطفال جنسياً.
وراهناً، ترصد المنصات هذا المحتوى بشكل طوعي، وهو أمر غير كافٍ نظراً إلى حجم المشكلة، بحسب الاتحاد الأوروبي.
ويستمر النظام المعمول به حالياً في المسألة حتى نيسان/أبريل 2026، في انتظار إقرار القانون الجديد الذي سيجعل رصد هذا المحتوى خطوة إلزامية على الجميع.
ويُجبر اقتراح القانون مقدمي خدمات التواصل على اتخاذ تدابير وقائية لتجنّب نشر الصور أو مقاطع الفيديو ذات الطبيعة الجنسية للأطفال.
وعندما يكون هناك خطر كبير من أن تُستخدم خدمة ما بشكل مسيء، يمكن لأي سلطة قضائية أو إدارية مستقلة إصدار أمر لرصدها.
آلاف الضحايا
وسيكون المزوّد ملزماً بتحليل محتوى التواصل عبر هذه الخدمة تلقائيا، وينص مشروع القانون على أنّه بمجرّد رصد المحتوى غير القانوني، ينبغي الإبلاغ عنه إلى المركز الأوروبي الجديد للوقاية من الاعتداء الجنسي على الأطفال ومكافحته، الذي يجري بدوره عملية تحقق ويرسل المحتوى المعني إلى أجهزة الشرطة المختصة ويوروبول.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، عدّل البرلمان الأوروبي اقتراح المفوضية لحصر نطاق هذه التوجيهات بالمراقبة على المستخدمين المشتبه في قيامهم بأفعال مماثلة، واستثناء منصات المراسلات المشفرة من طرف إلى آخر من إلزامية الرصد.
وينبغي على الدول الأعضاء حالياً اتخاذ قرارها بشأن اقتراح القانون. واقترحت بلجيكا التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية حزيران/يونيو، نصاً توافقياً لكنه لم يحصل حتى الآن على الأغلبية اللازمة.
ويتضمن هذا الاقتراح تدابير لمحاولة معالجة المخاوف التي تم التعبير عنها، أبرزها إمكانية فحص المحتوى عند تنزيله قبل مشاركته عبر خدمة للرسائل المشفرة.
ومن الممكن أن يقلب الموقف الفرنسي الذي لم يُعلَن عنه بعد، الموازين، بحسب مصادر دبلوماسية.
وفي بداية حزيران/يونيو، دعت جمعيات كثيرة لحماية الطفل، منها "إكبات فرانس"، و"بي برايف" و"لا فونداسيون بور لانفانس" و"كاميليون" و"بوان دو كونتاكت"، و"إيليين ريبيرث" و"لي زامي دو رومي"، باريس إلى دعم القانون.
ويشير تقرير نشرته المفوضية في كانون الأول/ديسمبر إلى أنّ شركة "ميتا" رصدت عام 2022 على مسنجر وانستغرام أكثر من 6,6 ملايين صورة أو مقطع فيديو ينطوي على اعتداء جنسي على الأطفال يُعنى بها مستخدم في الاتحاد الأوروبي، وحظرت منصة "اكس" 2,3 مليون حساب لمستخدمين مرتبطين بجرائم استغلال الأطفال جنسياً.
وتشير المفوضية إلى أن عمليات الرصد عبر الإنترنت تساعد في التعرف على آلاف الأطفال الذين وقعوا ضحايا لمثل هذه الانتهاكات في الاتحاد الأوروبي، وفي إدانة مرتكبي تصرفات مماثلة.
وبحسب بيانات المركز الأميركي للأطفال المفقودين والمستغلين (NCMEC)، تم الإبلاغ عن أكثر من مئة مليون صورة ومقطع فيديو تتعلق باستغلال الاطفال جنسياً سنة 2023، ما يمثل زيادة قدرها 20% تقريباً عن أرقام العام 2022.