وجدت دراسة طولية أجريت على أطفال بريطانيين، أن ميلهم للأكل الانتقائي يتم تحديده إلى حد كبير من خلال العوامل الوراثية في جميع الأعمار. ومع ذلك، فإنه يظهر أيضا تأثيرًا بيئيًا أثناء مرحلة الطفولة، مما يشير إلى أن التدخلات المبكرة لمنعه قد تحقق بعض النجاح، بحسب ما نشره موقع PsyPost نقلًا عن دورية Child Psychology and Psychiatry.
والأكل الانتقائي، أو صعوبة الإرضاء عند تناول الطعام، هو الميل إلى تناول مجموعة محدودة فقط من الأطعمة. ويهتم الأفراد الذين يعانون من هذه السمة، بشكل خاص بنكهة الطعام أو ملمسه ويترددون في تجربة الأطعمة والنكهات الجديدة.
في حين أن الأكل الانتقائي شائع عند الأطفال الصغار، إلا أنه يمكن أن يستمر حتى مرحلة البلوغ. وينشأ عادة في البيئات التي يتم فيها تشجيع التنوع الغذائي، مثل المدرسة أو التجمعات الاجتماعية أو حتى في المنزل عندما يقوم شخص آخر بإعداد الطعام.
ضعف التغذية
نظرًا لأن الأشخاص الذين يتناولون طعاما صعب الإرضاء يحدون من نطاق الأطعمة التي يستهلكونها، فقد يعانون من نقص التغذية.
كما تشير الأبحاث إلى أن التعرض المبكر لمجموعة متنوعة من الأطعمة والتجارب الإيجابية أثناء تناول الطعام يمكن أن يساعد في تقليل الانزعاج من تناول الطعام.
بدورها، سعت الباحثة زينب ناس وزملاؤها إلى استكشاف المسار التنموي للأكل الانتقائي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة المبكرة وتقدير مساهمة العوامل الوراثية والبيئية في الاختلافات الفردية في هذه السمة.
تم اختيار المشاركين في الدراسة من جيميني، وهي مجموعة سكانية من الأطفال التوأم المولودين في إنجلترا وويلز في عام 2007. وقد تمت متابعة هؤلاء الأطفال كجزء من مشروع بحثي مستمر لأكثر من عقد من الزمن. في بداية الدراسة، كان عمر الأطفال 16 شهرًا، وكان هناك 3854 مشاركًا. وبحلول الوقت الذي بلغوا فيه سن 13 عامًا، بقي 970 مشاركًا في الدراسة.
النهم والاندفاع
قام الباحثون بتحليل البيانات المتعلقة بالأكل المتطلب والتي تم جمعها في نقاط زمنية مختلفة باستخدام استبيان سلوك الأكل لدى الأطفال الذي أبلغ عنه الآباء، والذي تم استكماله عندما كان المشاركون في سن 3 و5 و7 و13 عامًا.
كما قاموا بفحص البيانات حول ما إذا كان الأطفال توأمًا أحادي الزيجوت (المتطابقين وراثياً) أو ثنائي الزيجوت، بالإضافة إلى عمرهم وجنسهم.
وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين كانت نهمهم في تناول الطعام أعلى من المتوسط في سن مبكرة يميلون إلى أن يصبحوا أكثر انتقائية مع تقدمهم في السن.
كما أن الأطفال الذين أظهروا زيادة أقوى في الاندفاع تجاه الطعام مع مرور الوقت، يميلون أيضا إلى إظهار انخفاضات أكثر حدة في الاندفاع تجاه الطعام بين سن 7 و13 عامًا، على الرغم من أن مستويات اندفاعهم تجاه الطعام ظلت أعلى من المتوسط.
الطفولة والمراهقة المبكرة
كان الارتباط بين درجات الاهتمام بالطعام بين التوائم أحادية الزيجوت (المتطابقين وراثيا) أعلى بمرتين من ذلك بين التوائم ثنائي الزيجوت، مما يشير إلى أن الانزعاج بشأن الطعام مدفوع إلى حد كبير وراثيا.
على مر السنين، ظل الانزعاج بشأن الطعام مستقرًا بدرجة متوسطة إلى عالية طوال فترة الطفولة والمراهقة المبكرة.
وتراوحت المساهمة الإجمالية للتأثيرات الوراثية في الفروق الفردية في التغذية الغذائية من 60% إلى 84%. كانت وراثة الانزعاج الغذائي أقل عند 16 شهرًا مقارنة بأي نقطة زمنية أخرى تم تحليلها في الدراسة.
لا لوم على الآباء
وفي الوقت نفسه، كانت العوامل البيئية المشتركة مسؤولة عن 25% من الفروق الفردية في الانزعاج الغذائي عند عمر 16 شهرًا، لكنها أصبحت ضئيلة ولا يمكن تمييزها عن التباين العشوائي في الأعمار اللاحقة.
وخلص الباحثون إلى أن "هذا الفحص الطولي الجديد يقدم دليلا على أن الانزعاج الغذائي هو سمة وراثية للغاية ومستقرة نسبيا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة المبكرة، مع التأثيرات الجينية المسؤولة إلى حد كبير عن استمراريتها".
وأوضح الباحثون أن "اللوم لا يقع على الآباء في سلوكيات الأكل لدى أطفالهم"، مبينين أنه يمكن "أن تبدأ التدخلات التي تستهدف حل مشكلة الانزعاج أو الانتقائية الغذائية]في وقت مبكر من مرحلة الطفولة وربما تحتاج إلى أن تكون مصممة ومكثفة في نقاط زمنية تنموية مختلفة."