وفقاً لوكالة "وام" للأنباء، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله" ، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" أن دولة الإمارات تسعى بخطى حثيثة وطموحة لترسيخ مكانتها في مجال الفضاء بإرادة أبنائها وهمتهم وطموحهم الذي لا يعرف المستحيل.
وأشار سموهما إلى أن رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي يمثل نموذجاً مشرفاً لشباب الإمارات والشباب العربي والذي يحمل آمالهم وطموحات لتسجيل إنجازات جديدة للعرب تضاف إلى رصيدهم في هذا المجال الحيوي.
ويأتي ذلك بمناسبة إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء اختيار رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي للمشاركة في أول مهمة طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية ضمن بعثة وكالة الفضاء الامريكية "ناسا" و"سبيس إكس "Crew-6"، التي ستنطلق في ربيع عام 2023، ليكون النيادي أول رائد فضاء عربي في مهمة طويلة الأمد في محطة الفضاء الدولية.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله": "نهنئ شعب الإمارات باختيار سلطان النيادي لهذه المهمة العلمية الطويلة الأمد في الفضاء"، وأشار إلى أن الإمارات أصبحت الدولة الـ 11 في التاريخ التي تشارك في مهمة طويلة الأمد في الفضاء.
وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "النيادي يمثل قدوة لشباب الإمارات الذين نفخر بهم وسيكون سفيرا لكل العرب في سباق الفضاء العلمي الذي دخلناه بثقة عالية وإيمان راسخ بقدرات أبنائنا".
وأفاد سموه إن الدولة ماضية في إرساء دعائم هذا القطاع الحيوي من خلال رفده بالكفاءات الوطنية المؤهلة ومواصلة إطلاق مزيد من المشروعات العلمية النوعية للإسهام في برامج استكشافات الفضاء ودعم الصناعات المرتبطة لما يخدم البشرية ويعود بالخير على حاضرها ومستقبلها.
وبدوره قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله": "من بين مجموعة من رواد الفضاء الإماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء، تم اختيار سلطان النيادي ليكون أول رائد فضاء عربي سيقضي مهمة طويلة تستغرق 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية العام المقبل بإذن الله . شبابنا رفعوا رؤوسنا للسماء ..حيث مكان ومكانة دولة الإمارات المستحقة ".
وسيبقى رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي لمدة 6 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية، يجري خلالها العديد من التجارب العلمية المعمقة والمتقدمة، ضمن "برنامج الإمارات لرواد الفضاء" لتدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين، وإرسالهم إلى الفضاء لتنفيذ مهام علمية مختلفة. وجاءت مهمة النيادي بعد توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية في أبريل الماضي بين مركز محمد بن راشد للفضاء وشركة "أكسيوم سبيس"، الشركة المتخصصة في رحلات الفضاء المأهولة وتطوير البنى التحتية الفضائية في الولايات المتحدة لاستكشاف الفضاء.
بصمة إماراتية تاريخية
وشدد سعادة حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء أن برنامج الإمارات الوطني للفضاء يرتكز على رؤية القيادة الرشيدة السباقة في استشراف المستقبل، والدعم الكبير الذي توفره لتطوير قطاع الفضاء، والذي ساهم في تعزيز التواجد الإقليمي والدولي لدولة الإمارات في قطاع الفضاء وتأكيد مكانتها بين الدول البارزة في مجال علوم واستكشاف الفضاء، بالإضافة إلى ترسيخ دعائم القطاع في الدولة من خلال إطلاق مشروعات عديدة ومتنوعة وتكوين الخبرات، وتدريب المواهب، ودعم الصناعات المرتبطة بعلوم الفضاء.
وقال: تعكس برامج استكشاف الفضاء المأهولة، وغير المأهولة الطابع المستدام لمختلف مشروعات الفضاء التي يتم إطلاقها باستمرار، وصولا لبلوغ أهداف موحدة تحقق مستقبلا أفضل للبشرية، تعززها الاكتشافات العلمية الاستثنائية في هذا القطاع، وسيترك لسلطان النيادي بصمة إماراتية تاريخية في صفحات الإنجازات الدولة في هذا القطاع.
تجارب علمية معمقة ومتقدمة
وبدوره قال سعادة سالم حميد المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء: خضع رائد الفضاء سلطان النيادي لتدريبات مكثفة كرائد فضاء بديل خلال مهمة "طموح زايد" عام 2018، حيث اجتهد، وخاض تدريبات مكثفة حتى حصل على شارة رواد الفضاء من مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا، وقد أبدع وتألق ليمثل الإمارات في هذه المهمة التاريخية .
وأضاف المري: أن أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب، تعتبر خطوة كبيرة للبرنامج الوطني للفضاء، حيث ستجعل الإمارات الدولة الـ11 عالميا التي تنجز مهمة تمتد لـ6 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية، وستمكننا من إجراء تجارب طويلة الأمد ذات نتائج قيمة، ودقة عالية.
وتطرق سعادة المري إلى الدور المهم لمركز محمد بن راشد للفضاء في تعزيز نجاحات قطاع الفضاء في الدولة بما يقدمه من مشروعات متعددة، أصبحت حديث العالم بما تقدمه لخدمة البشرية وتوفره من معلومات جديدة عن هذا القطاع، مشيرا إلى أهمية التبادل المعرفي والتعاون مع الشركاء الدوليين لمواصلة تطوير برنامجنا الفضائي، وتعزيز مكانة الإمارات كدولة في عالم استكشاف الفضاء.
فريق المهمة
ومع توقيع دولة الإمارات في أبريل 2022 اتفاقية مع "أكسيوم سبيس"، الشركة المتخصصة في رحلات الفضاء المأهولة وتطوير البنى التحتية الفضائية في الولايات المتحدة لاستكشاف الفضاء، وقع الاختيار على سلطان النيادي للمشاركة في رحلة ستستغرق 6 أشهر لمحطة الفضاء الدولية.
وسينطلق النيادي في رحلته طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولي ضمن فريق يضم 4 رواد فضاء رئيسيين من بينهم "ستيفن بوين" و"وارن هوبورغ"، بهدف اجراء سلسلة من التجارب والأبحاث والتوصل إلى نتائج علمية مهمة حول الفضاء الخارجي.
تدريبات مكثفة
أمضى سلطان النيادي 5 سنوات في التحضير لرحلات فضائية بشرية طويلة المدى، وخلال هذه الفترة تلقى تدريبات مكثفة حتى حصل على شارة رائد فضاء من مركز جونسون للفضاء التابع لناسا.
ويعد النيادي مع زميله رائد الفضاء هزاع المنصوري رائدي الدفعة الأولى لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في العام 2017 لتدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين، وإرسالهم إلى الفضاء لتنفيذ مهام علمية مختلفة.
وخضع النيادي برفقة المنصوري إلى مجموعة كبيرة من التدريبات، صممت خصيصا لتتناسب مع متطلبات المهمة ومدتها؛ حيث بدأ تدريباته بمركز "يوري غاغارين" لتدريب رواد الفضاء بمدينة النجوم في موسكو؛ كما تلقى تدريبات في هيوستن بولاية تكساس الأميركية، وكولن في ألمانيا، ضمن اتفاقيات شراكة مع كبرى الوكالات الفضائية، وهي ناسا، والوكالة الأوروبية /إيسا/ واليابانية /جاكسا/.
وخاض رائدا الفضاء برنامجا تدريبيا بجميع أقسام ووحدات محطة الفضاء الدولية، للتدرب على كيفية استخدام الأجهزة والمعدات الموجودة داخلها، وتدريبات على الحالات الطارئة، التي قد تحدث على متن المحطة الدولية منها الحريق، وانخفاض مستوى الضغط، وتسرب غاز الأمونيا. كما خضعا لتدريبات النجاة في حال الهبوط الاضطراري للكبسولة في غابة شديدة البرودة، وتدربا كذلك على بدلة الفضاء التي يصل وزنها إلى 10 كيلوغرامات وعلى كيفية ارتدائها في بيئة منعدمة الجاذبية، كما أنهيا التدريبات في مختبر الطفو المحايد، وتقييما حول استخدام بدلة السير في الفضاء EMU، وصيانة محطة الفضاء الدولية، وإنقاذ رواد الفضاء في حالات الطوارئ ICR، فيما أكملا حصصا نظرية وتدريبات عملية على طائرة T-38، وبلغ عدد مجموعة الدورات التدريبية، التي حصلا عليها أكثر من 90 دورة، ووصل عدد ساعاتها إلى أكثر من 1,400 ساعة، فيما حصلا على شارة رواد الفضاء من مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا بعد إتمام تدريباتهما العامة التي استمرت نحو 20 شهرا.
برنامج الفضاء
استهدف برنامج "الإمارات لرواد الفضاء" الذي أطلقه مركز محمد بن راشد للفضاء، تأسيس البنية التحتية لقطاع الفضاء الإماراتي، حيث يعد من أكثر البرامج إلهاما وتلبية لطموحات الشباب أصحاب القدرات المتفردة على المستوى العلمي والمهارات الشخصية، كما يعد أحد المشروعات التي يديرها برنامج الإمارات الوطني للفضاء، ويموله صندوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التابع لهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية /TDRA/، والذي يهدف إلى دعم البحث والتطوير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلا عن تعزيز تكامل الدولة على الصعيد العالمي.
ويجسد استعداد الإمارات لرواد الفضاء رؤية قيادة الدولة بتمكين الشباب نحو تصميم الـ50 عاماً القادمة، وصولاً إلى مئوية الإمارات 2071 وبناء اقتصاد المعرفة في مجتمع المستقبل الذكي القائم على الابتكار والتكنولوجيا والبحث العلمي.
وتأتي هذه الخطوة بهدف تطوير إمكانات رواد الفضاء الإماراتيين وقدراتهم حتى يصبحوا "مشغلين" لمحطة الفضاء الدولية، فيما شكل ذلك محطة جديدة متقدمة وناجحة في برنامج الإمارات للفضاء، الذي أفرز فريقا وطنيا يتكون من 4 رواد فضاء، تم تأهيلهم وتدريبهم بشكل احترافي ومتقدم، وقد تم اختيار رائد الفضاء سلطان النيادي ضمن المهمة الجديدة النوعية التي تم إعدادهم لها بشكل حثيث في مركز جونسون للفضاء التابع لـوكالة "ناسا".
سلطان النيادي
ولد سلطان النيادي في عام 1981 في منطقة أم غافة في العين حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، فيما تميز في تعليمه وتفوق بين زملائه ليلتحق بالقوات المسلحة الاماراتية التي ابتعثته لدراسة هندسة الاتصالات، وبدأ مشواره العلمي العالي في المملكة المتحدة، تحديدا في جامعة برايتون وحصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الاتصالات وتقنية المعلومات، كما حاز شهادة الماجيستير عام 2008 في تخصص أمن المعلومات من جامعة غريفيث الأسترالية. كما حصل على درجة الدكتوراه في تخصص منع تسريب المعلومات ونشر خلالها 6 أبحاث في مواقع عالمية متخصصة.