يرى الدبلوماسي الأميركي السابق، بيتر هويكسترا، أنه يبدو أن الافتقار إلى الوضوح فيما يتعلق بعدم توافر اتجاه واضح وأهداف واضحة، لمشاركة الغرب في أوكرانيا وتناقضاتها الكثيرة، يغلب على كثير من السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
ويقول هويكسترا، الذي عمل سفيراً لأميركا في هولندا، خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إن استراتيجية الأمن القومي الأميركية التي تم الإعلان عنها أخيراً، تشير إلى «التهديد الشديد» الذي تمثله روسيا للأمن القومي الأميركي.
محاولة عقيمة
ومع ذلك تواصل الإدارة الأميركية، بدعم وتشجيع من الاتحاد الأوروبي، محاولتها العقيمة لاستعادة «الاتفاق النووي»، لتمكين نظام إيران التوسعي، من امتلاك أكبر عدد ممكن تريده من الأسلحة النووية والصواريخ البالستية لإطلاقها، وفوق كل ذلك، تستخدم روسيا، من بين كل الدول كمفاوض وكيلاً عنها.
ويضيف أنه يمكن للمرء أن يتساءل كيف تعتقد إدارة بايدن أن الولايات المتحدة يمكن أن تتفاوض بالاستعانة بروسيا، وهي دولة تصفها بأنها «تهديد شديد» للتوصل لاتفاق مع إيران، وهي دولة تصفها بأنها «تهديد دائم».
ويوضح هويكسترا أن إيران ليست حليفاً لروسيا فقط، بل أيضاً هي مؤيد قوي لحرب روسيا ضد أوكرانيا، فهي تزود روسيا بـ«مسيرات كيميكازي»، وتوفر لها التدريب والمستشارين العسكريين، كل ذلك مع مساعدة روسيا على تجنب العقوبات الدولية. كما تردد أن إيران بصدد نقل صواريخ بالستية إلى روسيا، بما في ذلك طرازا فاتح-110، وذو الفقار.
تناقض آخر
وهناك تناقض آخر خطر، وهو كيف تقوض الولايات المتحدة علاقاتها مع دول فاعلة وحلفاء رئيسين في الشرق الأوسط، وهي تحاول إضفاء الشرعية على محاولات إيران تطوير أسلحة نووية. وليس من المستغرب أن معظم دول الشرق الأوسط لا تريد أن ترى إيران مسلحة نووياً.
وأكد هويكسترا أن الأمن القومي للولايات المتحدة وتحالفاتها الاقتصادية في الشرق الأوسط تتعرض لضرر بالغ من احتمال التوصل لاتفاق إيراني أميركي جديد، خصوصاً إذا سعت الولايات المتحدة إلى معاقبة أي دولة تعارض جهودها للتوصل لاتفاق نووي.
وترى الإدارة الأميركية أن خفض «أوبك» للإنتاج يحقق مكاسب لروسيا. ويقول هويكسترا إن هذا خطأ، فالإيرانيون أيضاً، منذ ثورتهم عام 1979، دعوا إلى «الموت لأميركا» ويصفون الولايات المتحدة بأنها «الشيطان الأكبر». فمنظمة الأوبك في حقيقة الأمر «تنقذ فعلاً الولايات المتحدة، وكذلك دول الخليج من تعزيز محور روسيا - إيران المتنامي».
ومعاقبة أميركا لإنتاج الطاقة في الشرق الأوسط سيلحق الضرر في الغالب بالمستهلكين الأميركيين، الذين انهارت بالفعل قوتهم الشرائية، وهم يواجهون تضخماً وركوداً، فهم يدفعون مبالغ أكبر للحصول على الطعام، والغاز، والتدفئة - وكل شيء - وذلك نتيجة نقص النفط والغاز الذي تجنيه الدول على نفسها.
ويبدو أنه من الواضح أن المواطنين الأميركيين، الذين تدعم أموال الضرائب التي يسددونها كميات كبيرة من المساعدات لأوكرانيا، يدفعون مبالغ أكبر في محطات الوقود، لأن إدارة بايدن تريد اتفاقاً نووياً إيرانياً مع داعم رئيس لروسيا، ويوضح هويكسترا أن ذلك يحدث نظراً لأن السياسة الخارجية لإدارة بايدن مضطربة.
وإذا كانت إدارة بايدن تعتقد حقيقة أن روسيا «تهديد شديد»، فإنها في حاجة إلى التصرف على هذا الأساس، وتتوقف عن دعم حلفاء روسيا، الذين يمثلون أيضاً تهديدات للولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، يتعين على الولايات المتحدة التعاون مع الدول في الشرق الأوسط لدعم الجهود ضد روسيا.
واختتم هويكسترا تقريره بالقول «إنه يتعين على الولايات المتحدة وقف هذا الهوس الأحمق، بالتوصل لاتفاق نووي إيراني جديد، فهذا لا يتلاءم مع كل مصالح السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركية. ويتعين إرسال رسالة واضحة إلى كل من روسيا، وإيران، وأوروبا، والشرق الأوسط، والأهم من كل ذلك إلى المواطنين الأميركيين، تفيد بأن الاتفاق النووي لم يعد له وجود تماماً. ويتعين وقف الفوضى وتمكين الدول الإرهابية».
• الأمن القومي للولايات المتحدة، وتحالفاتها الاقتصادية في الشرق الأوسط تتعرض لضرر بالغ من احتمال التوصل لاتفاق إيراني أميركي جديد، خصوصاً إذا سعت الولايات المتحدة إلى معاقبة أي دولة تعارض جهودها للتوصل لاتفاق نووي.
• إرسال تعليق
• تعليقات المتابعين