بدأت الهدنة الأولي في الحرب الروسية الأوكرانية منذ ساعات وسط ترحيب دولي كبير، تتلخص في فتح ممرات إنسانية ووقف لإطلاق النار في عدة مناطق لسماح اجلاء المدنيين لمناطق مجاورة أكثر أماناً فيما يتواصل تدفق اللاجئين الأوكرانيين لحدود الدول المجاورة، وأهمها رومانيا. يجري هذا في سياق ترقب لإجراء جولة ثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية والتي نأمل أن تكون الأخيرة. دلالات كثيرة بدأت توحي لها روسيا وهي محط أمان واطمئنان للأوكرانيين فبداية هدنة بعد اثني عشر يوماً من القتال أي أن هناك رغبة روسية في إيقاف توسع بركة الدماء. كما وتوحي هذه الهدنة في هذا التوقيت لأن روسيا تبدي ليونة في التفاوض وسماع مطالب الطرف الأخر وتحقيق مصلحة الإثنين معاً. كما لهذه الهدنة مدلول أخر علي الصعيد الاقتصادي يتمحور في أن روسيا تعترف بشكل غير مباشر أنها مصدومة من حجم التجييش القوي ضدها في العالم أجمع. وخصوصاً أن روسيا تتحدث بشكل مكثف عبر وسائل اعلامها عن حجم العقوبات التي فرضت علي موسكو خلال الأيام الأولي من الحرب وفي البعد الاقتصادي تشير التحليلات السياسية إلي أن ميزانية روسية لا تحتمل أبداً الاستمرار في خوض مثل هكذا حرب. ولا بد من أن يقدم الرئيس الروسي بوتن عدد من التنازلات غير المباشرة، تمهيداً منه لإيصال رسالة منه يعبر فيها عن رغبته في التفاوض وانهاء هذا الصراع بشكل ُمرضٍ لكل الأطراف ، دون اعتراف بوتن بشكل مباشر أنه خسر الحرب بشكل خفي بعدما وجد نفسه مضطراً لتحمل فاتورة الحرب علي كاهله لوحده. حيث أن كل التقدم العسكري في العتاد والأسلحة لم يعطي بوتن شجاعة في الاستمرار أمام وقوف العالم بأكمله إلي جانب أوكرانيا والضغوطات الأمريكية لاقت صدي في السماء الروسية ، وهذا ما ستبينه المفاوضات القادمة بين الجانبين.