عبرت بكين عن قلقها من تصعيد كبير محتمل للحرب، قبل أيام من إعلان الصين مبادرة شاملة لحل الأزمة في أوكرانيا، وذلك في يوم حافل ألقى فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كلمة للأمة، أعلن فيها تعليق العمل بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية «نيو ستارت» التي وقعها عام 2010 الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما والرئيس الروسي آنذاك دميتري ميدفيديف.
وصرح بوتين خلال خطابه: «أنا مضطر لأن أعلن اليوم أن روسيا ستعلق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. أكرر، ليس الانسحاب من المعاهدة. لا، بل بالتحديد تعليق مشاركتها. ولكن قبل العودة إلى المناقشة والبحث بشأن ستارت، يجب أن نفهم، ما الذي تريده تلك الدول مثل فرنسا وبريطانيا وكيف سنأخذ في الاعتبار ترساناتهما الاستراتيجية، أي القدرة الضاربة المشتركة لتحالف شمال الأطلسي؟!».
كما استدعت وزارة الخارجية الروسية، الثلاثاء، السفيرة الأمريكية في موسكو لين ترايسي، لتسليمها طلبا للولايات المتحدة بسحب «جنود وعتاد» حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية.
وانتقدت الدول الغربية قرار روسيا تعليق معاهدة خفض الأسلحة النووية مع واشنطن، إلا أن مسار العلاقات يتجه إلى مستوى جديد من التصعيد من كافة الأطراف.
وبشأن هذا، أعرب وزير الخارجية الصيني، تشين جانج، عن قلقه إزاء تصعيد محتمل للحرب في أوكرانيا، وقال في بكين اليوم الثلاثاء، خلال تقديمه ورقة تفاهم حول «مبادرة الأمن العالمي» إن «الصين قلقة للغاية من تصعيد الصراع بل وحتى فقدان السيطرة».
ومن شأن التصعيد المرتقب، دبلوماسياً وعسكرياً، أن يضغط على مبادرات السلام، وأبرزها المبادرة الصينية التي تم الإعلان عن ملامحها قبل أيام ومن المنتظر الكشف عن تفاصيلها الأسبوع المقبل تحت عنوان «ورقة مفاهيم مبادرة الأمن العالمي». إلا ان بكين ليست في وارد التراجع عنها في كل الأحوال بحسب النوايا التي أفصح عنها مسؤولون صينيون.
وبحسب وزير الخارجية الصيني في تصريح نشرته وكالة «شينخوا» باللغة العربية، فإن مبادرة الأمن العالمي تدعم رؤية الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتسعى لتحقيق الهدف طويل الأجل المتمثل في بناء مجتمع آمن، وتدعو إلى مسار جديد للأمن يتميز بالحوار بدلاً من المواجهة، والشراكة بدلاً من التحالف. وتحظى المبادرة بدعم من أكثر من 80 دولة ومنظمة إقليمية.
ويمكن تلخيص أولويات التعاون العشرين المنصوص عليها في ورقة المفاهيم، وفق تشين، على أنها تدعم الدور المركزي للأمم المتحدة في حوكمة الأمن، وتعزيز التنسيق والتفاعلات السليمة بين الدول الكبرى، وتسهيل التسوية السلمية للقضايا الساخنة من خلال الحوار، ومعالجة التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، وتعزيز النظام والقدرة على إدارة الأمن العالمي.
كم ألمح تشين إلى دور الولايات المتحدة في التأزيم من دون أن يسميها، فقد حث «دولاً معينة على التوقف فوراً عن تأجيج النيران، والتوقف عن إلقاء اللوم على الصين، والتوقف عن الترويج لمقولة: أوكرانيا اليوم، وتايوان غداً».
وكذلك لم تبدِ الدول الغربية موقفها تجاه مبادرة السلام الصينية، إلا أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، صرح اليوم، عن القلق من احتمال إمداد الصين روسيا بأسلحة لحربها في أوكرانيا، مكرراً في ذلك الموقف الأمريكي الذي ترفضه بكين.
• إرسال تعليق
• تعليقات المتابعين